إعجاز بلاغی آیه شانزدهم سوره بقره
إعجاز بلاغی آیه شانزدهم سوره بقره
أُولئِکَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما کانُوا مُهْتَدِینَ (16)
البلاغة
1) الاستعارة التصریحیة الترشیحیة: فی قوله تعالى: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى.
فاشتراء الضلالة بالهدى مستعار لأخذها بدلا منه أخذا منوطا بالرغبة فیها و الإعراض عنه. فقد شبهوا بمن اشترى فکأنهم دفعوا فی الضلالة هداهم، فاستعارة الشراء للاختیار رشحت بالربح و التجارة اللذین هما من دواعی الشراء.
2) الاسناد المجازی: حیث أسند الخسران الى التجارة و هو لأصحابها.
و الاسناد المجازی هو: أن یسند الفعل الى شیء یتلبس بالذی هو فی الحقیقة له، کما تلبست التجارة بالمشترین.
3) فإن قلت: هب أنّ شراء الضلالة بالهدى وقع مجازا فی معنى الاستبدال، فما معنى ذکر الربح و التجارة؟ کأن ثمّ مبایعة على الحقیقة.
قلت:
هذا من الصنعة البدیعة التی تبلغ بالمجاز الذروة العلیا، و هو أن تساق کلمة مساق المجاز، ثم تقفى بأشکال لها و أخوات، إذا تلاحقن لم تر کلاما أحسن منه دیباجة و أکثر ماء و رونقا، و هو المجاز المرشح، و ذلک نحو قول العرب فی البلید: کأن أذنی قلبه خطلا، و إن جعلوه کالحمار، ثم رشحوا ذلک لتحقیق البلادة، فادعوا لقلبه أذنین، و ادعوا لهما الخطل لیمثلوا البلادة تمثیلا یلحقها ببلادة الحمار مشاهدة معاینة.