اعراب و ترکیب آیه اول سوره بقره - حاج آقا مصطفی خمینی

اعراب و ترکیب آیه اول سوره بقره

حاج آقا مصطفی خمینی

الجهة الثالثة فی إعراب تلک الحروف‏
فقیل: هی غیر معربة لا لفظا و لا محلّا: أمّا الأوّل فهو واضح.
و أمّا محلّا فلا تعرب؛ لأنّها من المفردات کأسماء الأعداد التی توردها لمجرّد العدّ من غیر نظر إلى إفادة المعنى التصدیقی، و أمّا السکون علیها فلا بدّ منها، فإنّه فرق بین السکون المبتنی على الوقف أو البناء، و بین هذا النحو من السکون، و لأجل هذه النکتة إظهار الحرکة علیها لا یورث کونها معربة، و لا تکون فی الجملة المرکّبة، کما لا یخفى. و هذا القول منسوب إلى الخلیل و سیبویه «1».
و عن الأکثر: أنّ لها محلّا إذا أخبرت عنها، و عطفتها و لو بحذف الحرف العاطف؛ للزوم التأسّی بالقرّاء و بالسیرة القرآنیّة. و یمکن أن یکون محلّها الرفع على الابتداء، أو على إضمار المبتدأ، و النصب بإضمار فعل، و الجرّ على إضمار حرف القسم «2». و قال ابن کیسان النحوی: «الم» فی موضع النصب، کما تقول: اقرأ «الم» أو علیک «الم» «3».
و غیر خفیّ: أنّ اختلاف الاحتمالات ناشئ من اختلاف المبانی فی معانیها، فمن جعلها قسما التزم بخفض محلّها، و من اعتقد أنّها أسماء السور تصوّر إعراب محلّها، و هکذا، و من أنکر تمکّنها جعلها من الکلمة المفردة.
و الذی هو الحقّ: أنّه على جمیع التقادیر تکون: إمّا من أرکان الجملة المحذوف رکنها الآخر، أو من متعلّقات تلک الجمل، و لا معنى لکونها مفردة؛ للزوم اندراجها تحت اللغو المستحیل فی الکتاب الإلهی، و مقتضى ذلک‏ کونها فی محلّ الإعراب و التمکّن. فما عن الخلیل و سیبویه ساقط جدّا.
و أمّا تعدید الأعداد فهو أیضا کذلک، فإنّ العادّ آخر ما یرید من التعدید، إعلام الطرف بأنّه یتمکّن من ذلک و یعلمه، فیکون فی موضع النصب على المفعولیّة.
نعم إیجاد المفرد لغرض الأمر الطبیعی ممکن، کما إذا کان یقول بصوت رفیع: «إسحاق»، و یرید أن یفرج عن حلقومه، و لکنّه هنا غیر صحیح، فعلى جمیع المسالک تکون من الأسماء المتمکّنة.
إن قلت: هذه حروف لا معنى لکونها فی محلّ الإعراب.
قلت: کیف و إذا قال: «ا ب ت ث من الحروف»، تکون فی موضع الرفع على الابتداء. هذا، مع أنّ الحاکی من الأسماء، و ما هو فی محلّ الإعراب و البناء هی الجمل الحاکیة، لا المکتوبة المحکیّة، مع أنّ اللازم اتّحاد الحاکیة مع المحکیّة فی هذه الجهة، کما هو الظاهر، فتأمّل.
تذنیب‏
قیل فی إعراب هذه الحروف وجوه و محتملات بملاحظة ما هو المقدّر، و ما هو المذکور بعدها، و ربّما تبلغ تلک إلى أحد عشر ألف ألف ألف ألف و أربعمائة و أربعة و ثمانون ألف ألف ألف و مائتان و خمسة آلاف ألف و سبعمائة و سبعون ألفا و مائتان و أربعون وجها و هذه أرقامه:
 (11484205770240)، و نشیر إلى ابتدائها، و أنت تقف على تفصیلها إلى انتهائها و هو: أنّها إن کانت حروف الاسم الأعظم: فإمّا یکون له محلّ من الإعراب أولا، فإن کان ذا محلّ من الإعراب، فإمّا أن یکون مبتدأ محذوف الخبر، أو خبرا محذوف المبتدأ، أو مفعولا لمحذوف، مثل «اذکر» أو «ادع» أو الّف ممّا یناسب المقام، أو هو مقسم به منصوب بفعل القسم، أو مبتدأ لما بعده، أو خبر لما بعده، أو منادى بتقدیر حروف النداء، فهذه ثمانیة أوجه تجری بأعیانها أو أمثالها فی جمیع الوجوه المحتملة فی «الم» التی هی تقرب من ثلاثین على ما حکیناه، و من اثنی عشر على ما هو المعروف بینهم، و تحصل من الضرب فی اثنی عشر ستّة و تسعون وجها، و یجری فی کلّ وجوه عدیدة من الإعراب بحسب ترکیبه مع ما بعده.
مثلا: إذا کان «الم» مأخوذا من حروف الاسم الأعظم، و کان مبتدأ محذوف الخبر تقدیره حروف «الم» الاسم الأعظم، و ذلک بدل له، أو عطف بیان، و الکتاب صفة لذلک، أو بدل منه، و «لا ریب» على قراءة الفتح و الرفع «لا» فیه لنفی الجنس، أو عاملة عمل «لیس» أو ملغاة من العمل، فهذه اثنا عشر، و الجملة حال أو مستأنفة، فتلک أربعة و عشرون، و خبر «لا» محذوف، و «فیه» صفة لریب، أو حال عنه، أو حال عن «الم»، فتلک اثنان و سبعون و «هدى» حال من الریب أو من «الم»، أو صفة للریب، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مفعول فعل محذوف، أو تمییز، فتلک ستّة عشر وجها مضروبة فی الاثنین و السبعین، فیحصل (1152)، و هکذا فی «المتّقین» «1»، و قیل: تلک الوجوه المحتملات هی الشائعات التی لا شذوذ لها و لا ندور و لا غلق فیها، و أمّا الوجوه الضعیفة فتبلغ أضعاف ذلک؛ حسب اختلاف المرادات من «الم» «1»، فلا تخلط، و کن على بصیرة من إعجاز الکتاب الإلهی.

---------------------------------------
 (1) الرحمن (55): 31.
 (2) النّور (24): 31، الزّخرف (43): 49.
  تفسیر القرآن الکریم، ج‏2، ص: 271

 (1) الجامع لأحکام القرآن 1: 156.
 (2) البحر المحیط 1: 35/ السطر 19.
 (3) الجامع لأحکام القرآن 1: 157.
 تفسیر القرآن الکریم، ج‏2، ص: 272

 تفسیر القرآن الکریم، ج‏2، ص: 273

 (1) راجع تفسیر بیان السّعادة 1: 39.
تفسیر القرآن الکریم، ج‏2، ص: 274